السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسطورة الصدق
كنت أتناقش مع أحد الأخوات عن الأمانة والوضوح فقالت لي: لقد أصبح الوضوح عملة نادرة في هذا الزمان، فأجبتها: بل لم يعد عملة على الإطلاق، فقد أصبح أسطورة، أسطورة نسمع عنها في قصص الأولين، عندما يقصون علينا قصصهم ويذكرون لنا أمانتهم وصدقهم وكيف دخل الناس في دين الله أفواجا عندما تعاملوا مع هذه النماذج الفريدة في حياة البشرية، أما الآن فلم يأخذ أغلب الملتزمين من الدين سوى التورية، التورية في جميع شئونهم، حتى يشعر المتعامل معهم أنه يتعامل مع ثعلب يراوغ فيه هنا وهناك……
نعم، أصبح الصدق أسطورة، أسطورة لا نسمع عنها سوى في الكتب، أسطورة يحاول أغلب الناس الآن أن يقنعونا أنها أسطورة لن تكرر ولا يجب أن تتكرر، يريدون أن يقنعونا أنه لم يعد العصر الحالي يسمح بأن يكون المسلم فيه صادقا أمينا… وقد كذبوا، أي والله قد كذبوا، فقد أنزل الله هذا القرآن ليطبق في كل زمان ومكان، أنزله ليصلح البشر، ويزكي نفوسهم، أنزله ليكون دستورا في الأرض شاء من شاء وأبى من أبى. وعندما أرسل الله الرسل لم يكونوا يعيشون مع قوم ذوو أخلاق فاضلة، بل على العكس تماما، فقد كان فيهم من سوء الأخلاق والكذب والغش والزنا وأكل الربا والتطفيف في الميزان ما فيهم، ولكن لم يقل صحابي يوما أن أخلاق هذا الدين لا تتماشى مع الزمن والمجتمع الذي نعيش فيه، بل إن قالها أحدهم لم يكونوا يدعوه حتى يتوب عما قال…
وإن قرأنا القرآن وتدبرناه جيدا فلن نجد صفة المراوغة هذه سوى في أهل النفاق الذين يظهرون الإيمان ويكتمون غير ذلك {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ} [سورة البقرة: 9]، {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا
أسطورة الصدق